كتبت رنا حسن في موقع طقس العرب:
نشر موقع “ميدل إيست مونيتور” البريطاني تقريرا تناول قصة مهندس الكهرباء الفلسطيني من غزة، لؤي البسيوني، الذي يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، والذي كان جزءاً من فريق ناسا الذي أرسل مركبة الفضاء “بيرسيفيرانس” أو المثابرة (Perseverance) إلى المريخ مؤخرًا، وعلى متنها الطائرة العمودية “إنجينيويتي” أو البراعة (Ingenuity)، حيث أرادت وكالة الفضاء تحقيق انجاز تاريخي من خلال أول محاولة بشرية للتحكم بطائرة تحلق فوق كوكب آخر.
قصة كفاح المهندس لؤي البسيوني حتى الوصول إلى ناسا
وفي التقرير يروي الموقع تفاصيل عن البسيوني، والإنجاز الكبير له في “ناسا” بعد قصة كفاح طويلة، حيث كافح البسيوني قبل وصوله إلى أمريكا لدراسة الهندسة، من صعوبة العيش في القطاع وانتهاكات الاحتلال ضد عائلته، وفي غربته في الولايات المتحدة.
نشأ البسيوني في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، وشهد الانتفاضة الأولى (1987-1993). وتعلم في مدرسة تابعة لوكالة غوث اللاجئين في غزة. يقول عن ذلك: “لقد علمني ذلك منذ الصغر ألا أستسلم أبداً لأن بإمكانك أن تحقق حلمك”.
علمته البيئة الصعبة في بلدته الإبداع والثبات والمهارات وأكسبته الخصال التي كثيراً ما تتحلى بها غزة وتصدرها إلى العالم.
وفي عام 1998 سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة الهندسة، ولم يتمكن من زيارة غزة إلا في عام 2000. يقول عن ذلك: “في الواقع، كانت تلك هي المرة الأخيرة التي أذهب فيها إلى هناك”.
ورغم أنه تعلم الكثير في غزة عن الاعتماد على الذات، إلا أن الانتقال إلى الولايات المتحدة كان صادماً، إذ يقول: “كان الواقع أصعب بكثير مما توقعت. كل شيء كان مكلفا جدا، من إيجار السكن إلى رسوم الجامعة، ولذلك اضطررت للعمل في العديد من الوظائف في المطاعم وفي توصيل البيتزا”.
لم يحل ذلك بينه وبين التسجيل في الجامعة، حيث قادته دراسته في نهاية المطاف إلى تحقيق حلمه. ولكن، مع ذلك، كانت ما تزال هناك عقبات، ليس أقلها هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن.
وعن ذلك يقول: “أصبحت الحياة بعد الحادي عشر من سبتمبر غاية في الصعوبة، ولم أتمكن من دفع رسوم الدراسة، ولم يتمكن والدي من المساعدة على الإطلاق، لأن قوات الاحتلال جرفت بساتين البرتقال والزيتون التابعة للعائلة”.
ويقول البسيوني، الذي اضطر لتعليق سنته الثانية من دراسة الهندسة في الجامعة: “احتجت للعمل سنة أخرى بدون توقف لأوفر بعض المال. كما أني انتقلت إلى الجامعة في لويزفيل”.
وفي لويزفيل أنهى البسيوني دراسته وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة خلال عامين، وأتبعها بعد عام واحد بالحصول على درجة الماجستير. وبعد التخرج عمل في شركات مختلفة للحصول على الكثير من الخبرة في مجال المحركات وأجهزة التحكم الكهربائية.
وفي عام 2012، انضم إلى شركة تعمل على تصميم طائرة كهربائية، وانتهى به المطاف في العمل لدى “ناسا” في تصميم الطائرة العمودية الخاصة بالمريخ، حيث حصل على عدد من الجوائز التقديرية.
ويقول عن ذلك: “وقع الاختيار علي لأكون المهندس المشرف على فريق الطائرة العمودية في ناسا. وكنت مسؤولاً عن المحرك/ المتحكم، وعن خوارزميات المحرك، واختيارات المحرك المؤازر، وأجهزة التحكم بالمحرك المؤازر، وجميع المراسلات والاتصالات بين ذلك وبين صندوق السخونة الرئيسي”.
باختصار، قال بفخر: “أنا من طور أجهزة التحكم في العاكس والمحرك المؤازر للطائرة العمودية “إنجينيويتي” التي صممتها ناسا للاستخدام في المريخ”.
وتحدثت كافة وسائل الإعلام الدولية والمحلية عن حكاية المهندس الفلسطيني من قطاع غزة المحاصر. ويبدو أن صورة البسيوني غدت معلقة على كل جدار في بلدته بيت حانون.
يتفاعل البسيوني جيداً داخل “ناسا” وضمن المجتمع المحلي في الولايات المتحدة، حيث يُعرف عنه أنه ينحدر من فلسطين المحتلة. ويقول في ذلك: “إن الفريق الذي أعمل معه متعدد الأعراق والأوطان. يقبل بعضنا ببعضا، رغم ما بيننا من تباينات”.