كتب موقع الميادين:
في أتون الأزمات التي تمر بها الأمم والشعوب، وتحت نير حروب المحتل وغوغاء “شريعة الغاب” التي تسود العالم، يبقى التعويل الأول على عزم الفرد ومبادراته الصادقة… للرفد والحضّ على رفض الانحناء في وجه العواصف… والمبتكر السوري محمد عجيب ينهض شاهداً على ذلك.
لطالما شاهد سكان محافظة اللاذقية السورية، وخاصة مدينة جبلة شمال غرب سوريا المهندس محمد عجيب، وهو يجوب الطرقات بسيارته الصغيرة التي حوّلها إلى سيارة تسير على الماء بدل البنزين.
في عينيّ الرجل لمعة مبتكر، وفي انجازه ما يستحق العناية والتطوير، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها سوريا بسبب العقوبات الأميركية عليها (منذ عام 1973) وآخرها “قانون قيصر” الذي فرضته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ناهيكم عن الحرب في سوريا منذ 10 سنوات.
تصميم عجيب لا حدود له، يقولها الرجل بفمٍ ملآن: لا مكان لليأس، رغم كل الظروف، وهو يبادر الميادين نت بمفردات تدفع على التفاؤل وتحضّ على الصمود….
“المخترع يعمل لأجل فائدة البشرية، وأنا أعمل من أجل الجميع، ورأيت أنه من واجبي تقديم ما يفيد بلدي في ظل المصاعب الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها، فقدمت جهازاً يوفر 30 إلى 40% من الوقود”، هكذا يقدّم المهندس لابتكاره، الذي أنجزه بمهارات وقطع غيار سورية 100%.
جهازي يعمل على جميع أنواع السيارات:
ويوضح أن جهازه يصلح لجميع السيارات كبيرة كانت أم صغيرة، بنزين أو مازوت (ديزل) وهو عبارة عن معمل وقود نظيف وآمن للبيئة من الماء، فالهيدروجين الذي يتميز بطاقة عالية هو وقود المستقبل، واشتعاله لا يخلّف أضراراً للانسان والبيئةـ وهو أفضل بأضعاف المرات من طاقة البنزين.
“هذا الوقود يساعد للحفاظ على عمر أكبر للمحرك، بسبب عدم ارتفاع حرارته وترك فضلات عليه كالكاربون، لذلك فإن الجهاز هام في عالم المحركات والسيارات، وبعكس ما يعتقد البعض فقد أصبح لديّ داخل “غرفة الانفجار” في المحرك أوكسيجن حر، وهيدروجين نظيف له طاقة كبيرة تستخدم للصواريخ، ما جعل لدي محركاً أكبر وأنشط، يخدمني لمسافات طويلة دون حرارة أبداً”، يجيب عجيب على سؤالنا بكلّ ثقة.
هذه هي المشاكل التي واجهتني:
ويردف شارحاً “الجهاز يستخرج عنصري الهيدروجين والأوكسجين على شكل غاز يتحد مع الهواء ومع الوقود في محرك البنزين، ليعطي وقوداً عالي الجودة واحتراقاً كاملاً للوقود، من دون انبعاث الغاز من عادم السيارة، ما يجنّب تلوّث البيئة والأمراض الناجمة عنه، ويمكن لجهاز السيارة استخراج 12 فولت بأمبير عال و كهرباء 220 فولت، وهذا يعد بحد ذاته حلاً جيداً لمشكلة نقص الوقود”.
لكن ماذا عن العقبات؟ يقول المهندس السوري “واجهتني مشاكل تقنية، فعندما درست خلية الهيدروجين عانيت من الاستهلاك الزائد للكهرباء، كما تخطيت مشكلة الرطوبة، وأيضاًَ عالجت نقاط ضعف أخرى لن أصرّح بشأنها…. ومن هنا استطعت تشغيل هذه الخلية على سيارتي منذ 3 سنوات”
“بعد بلدي… يأتي كل كلام آخر”:
ولا يخفي عجيب الذي ينتمي إلى أسرة تضم 3 أشقاء مبتكرين أمنياته وطموحاته البعيدة، التي يحق لكل عربي تنسّمها فيعقّب ويقول: “هدفنا نشر الفكرة في سوريا وخارجها من شركات عالمية لتسجيل الاختراع وتقديم كافة المتطلبات، ولكني أقول أن بلدي ومصلحته يأتيان في المصاف الأول وبعده يأتي كل كلام”.
ورداً على سؤال حول مقارنتها بالسيارة الكهربائية أوضح أنها أقل تكلفة بدرجة كبيرة، وفيها ميزة أنها رغم التزامها بالوقود لكنها تتحرر من سلبياته المتمثلة بالانبعاث الكربوني، مشيراً إلى قوة العزم في سيارته، فرغم أن عمرها 40 عاماً إلا أنها تقلع عند انطلاقتها على غيار4.
وفي المضمار يشير عجيب إلى أن بعض اختراعاته تحاكي أجهزة مخترعة في أوقات سابقة ومتوفرة عالمياً، لكنه قام بتطويرها وتعديلها من عندياته وأفكاره، مؤكداً أن الجهاز الذي اخترعه لا يلغي الاعتماد على المازوت (الديزل) أو البنزين بشكلٍ كامل، بل يقلل من الكميات المستهلكة بنسبة كبيرة”.
الظلم الذي يمارس لا يجوز:
وتبدو في صوت المهندس السوري المبدع نبرة تحدٍ وانتماءٍ عالٍ لوطنه، عندما نتطرق إلى العقوبات الأميركية و”قانون قيصر” ، وبتلقائية تنبس شفتاه بعبارة يرددها السوريون: “نقول لترامب ولغيره كرمى لله، حلوّ عن الشعب السوري، فقد جوعتوه وعطشتوه، يكفي، وأكيد أن خطيئة ترامب كبيرة”.
ويعقّب “أقول لكل من يؤذي سوريا وشعبها، “الله لا يسامحك” فالظلم الذي يمارس لا يجوز، ونحن لدينا تحدٍ… أننا نريد أن نعيش، وعلينا أن نضحي ونقدّم كلٌّ حسب قدرته للخروج من الأزمة”.
إنجازات علمية…
الجدير بالذكر، أن للمهندس عجيب براءتا اختراع، الأولى لمؤقت زمني للغاز، يمنع حوادث الغاز واحتراق المنازل، والثاني محطة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح وحركة المياه، حيث تم منحه الميدالية الذهبية على هذا الاختراع في معرض الباسل للإبداع والاختراع.
وفي ظل انقطاع الكهرباء عن المناطق السورية، يعكف عجيب حالياً على تصنيع عنفة (توربين) لتوليد الكهرباء من الرياح، وأضاف عليها تعديلات، بهدف استقبال أكبر كمية رياح حين انخفاض شدتها صيفاً، وسيتم تزويد إحدى المداجن بها وتفعيل حراقاتها لشحن البطارية وإنارتها وتشغيلها بأكملها.