فازت الشابة الكردية ديرسم داغ ذات الأثنين والعشرين ربيعاً بمقعد في البرلمان التركي لتصبح أصغر نائبة في تاريخ تركيا الحديث.
ودخلت الشابة ديرسم داغ إلى البرلمان التركي مرشحة عن حزب الشعوب الديمقراطي عن مدينة ديار بكر ذات الغالبية الكردية، لتمثل جيل الشباب والفتيات على وجه الخصوص.
طفولة نازحة
ولدت ديرسم في إحدى بلدات ولاية ديار بكر جنوب شرقي تركيا من أبوين كرديين عام 1996، وهي واحدة من بين 12 أخاً وأختاً، في تلك الأسرة الفقيرة، التي تعتمد في دخلها على الأب المزارع، أما والدتها فكانت ربة منزل.
وقالت النائبة الشابة لـ بي بي سي عربي :”لقد هجرنا من بلدتنا عام 1996، كأي عائلة سياسية كردية في المنطقة، كان عمري وقتها خمسة أشهر”. إذ نزحت أسرتها إلى حي شعبي بمنطقة أسنلر في اسطنبول، لتبدأ حياتها من الصفر.
وتقول ديرسم: “لم تكن طفولتي سهلة في بداية الأمر، ولم يكن لدي أصدقاء لأنني لم أكن أجيد اللغة التركية، ولكن حياتي تحسنت لاحقاً بعد أن قضيت عدة سنوات في المدرسة”.
حياة سياسية
كانت داغ تحلم بأن تصبح طبيبة نفسية أو صحفية، لكنها بعد انخراطها في الحركة السياسية الكردية في سن مبكرة في المرحلة الثانوية، قررت أن تدرس أدب اللغة الكردية التي حُرمت من تعلمها في الصغر “رغم أنها من أبسط حقوق الإنسان” في المجتمعات كافةً، بحسب تعبيرها.
وتخرجت داغ من جامعة ماردين، قسم اللغة الكردية في يونيو/حزيران 2018، لتفوز بعدها بأسابيع قليلة بمقعد في البرلمان عن مدينة ديار بكر.
وتأثرت الشابة بأفكار حزب الشعوب الديمقراطي الذي تعتبره ليس صوتاً للكرد فحسب، بل “صوتاً لكل الفئات المضهدة والمظلومة في عموم تركيا”.
تقول داغ: “أشعر وكأنني ولدت في هذا الحزب، فعائلتي سياسية، وأنا نشأت في التسعينيات، وهي فترة التهجير وحرق القرى الكردية وملاحقة السياسيين. وكانت من أصعب السنوات التي مرت علينا كعائلة وكشعب يطالب الدولة بالاعتراف بحقوقه القومية”.
ولدى سؤالها عما إذا كانت تخشى أن تواجه مصير العديد من نواب حزبها المعتقلين، قالت: “لا أخاف أي إجراء قد أتعرض له كنائبة كردية، لأنني أؤمن بقضية شعبي، وصاحب الحق لا يخشى شيئاً، فكل ما نقوم به هو من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين في عموم تركيا”.
ويُذكر أن أكثر من عشرة من نواب الحزب السابقين وعلى رأسهم رئيساه السابقان، صلاح الدين دميرتاش وفيغن يوكسداغ، خلف القضبان منذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.
سنحول البرلمان إلى قصر للعلم
وشرحت داغ سبب انخراطها في عالم السياسة في هذه السن المبكرة قائلةً: “إن الإضطهاد السياسي، كان دافعاً بالنسبة لي للتفكير في الانخراط فيها”. وتضيف: “أن عدم وجود ممثلين عن الجيل الشاب في البرلمان، وقلة عدد النساء القادرات على تمثيل المرأة، كانا من بين أهم الأسباب التي دفعتني للتفكير بالسير في هذا الطريق الصعب”.
وتشير داغ إلى أن هناك أسئلة كثيرة تدور في رأسها حول حقوق الجيل الجديد والمرأة إلى جانب قضيتها الأساسية، حقوق شعبها الكردي في تركيا.
وفيما يتعلق بقدرتها على التوفيق بين مطالب الشباب من جهة و المرأة والقضية الكردية من جهة أخرى، تقول: “أنا قوية، وأستمد قوتي من شعبي، من أصوات من انتخبوني، وبالتأكيد سأجتمع بهم ونناقش معاً قضايانا وسأستمع إلى مقترحاتهم ومطالبهم، فأنا صوتهم في البرلمان، وكل ما سأطرحه في البرلمان، سيكون بناءً على مطالبهم ومقترحاتهم”.
وتضيف بحماس الفتاة العشرينية: “طبعاً أستطيع أن أفعل شيئاً، وسنغير دورة الحياة بناءً على الحلول التي نراها مناسبة نحن الشباب، نعم سنحول البرلمان إلى قصر للعلم للشباب والشابات”.
“لقد بدأنا شباباً وسنحقق الحداثة”
وتتابع داغ:” يقولون إن المرأة نصف المجتمع، إذن يجب أن يكون نصف البرلمانيين من النساء، أين هم أصحاب القرار من هذه الحقيقة”.
وتصف الشابة حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، والذي تنتمي إليه، بأنه الحزب الوحيد في تركيا الذي يطبق مبدأ المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة في كافة المناصب والمسؤوليات من رئاسة الحزب وحتى أصغر تشكيلاته.
وتؤمن داغ بقدرتها على إحداث التغيير وتحقيق خطوات إيجابية لجيل الشباب والمرأة وتقول:” لقد بدأنا شباباً وسنلبي طموحات الشباب”.
وتضيف:”ما دمنا قادرين على توصيف مشاكلنا وتسميتها، إذاً نستطيع إيجاد الحلول المناسبة بإرادتنا، فلسنا بحاجة إلى رجال يتخذون القرارات نيابة عنا ما دمنا موجودين”.
وتأمل داغ بأن تفكر جميع نساء العالم والشرق الأوسط خصوصاً، بالسعي للوصول إلى مركز القرار، وألا يتنازلن عن حقوقهن وألا يدعن أحداً يتخذ القرارات نيابة عنهن وعن أطفالهن”.