قروض الإسكان عادت.. ولكن!

قروض الإسكان عادت.. ولكن!

كتبت نوال الأشقر في موقع لبنان 24 :

 

قروض الإسكان المتوقفة منذ أكثر من عامين عادت لتظهر من جديد، من خلال تصديق مجلس النواب على إبرام اتفاقية قرض مع الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والإجتماعي، بقيمة 50 مليون دينار كويتي، أي ما يعادل 165 مليون دولار، للمساهمة في تمويل مشروع الإسكان. قد لا يكون توقيت هذا القرض مثاليًا في ظلّ الأزمة المالية والمعيشية الحادة، وما نتج عنها من تدهور في القدرة الشرائية لدى اللبنانيين، وفقدان الآلاف لوظائفهم، رغم ذلك شكّل هذا الخبر بارقة أمل للعديد من الشباب الذين ينتظرون منذ سنوات فرصة للحصول على قروض سكنية مدعومة.

 

ولكن كالعادة تأتي المعالجات منقوصة، بدليل أنّ المشروع المحوّل من الحكومة إلى مجلس النواب حصر الجهة المستفيدة من القروض بمصرف الإسكان، وحرم المؤسسة العامة للإسكان، التي تحصر قروضها بذوي الدخل المحدود دون سواهم.

 

لماذا أقر القانون بهذه الصيغة؟

 

النائب علي حسن خليل أجابنا بالقول “طالبنا بتخصيص جزء من القرض لمصلحة المؤسسة العامة للإسكان، ولكنّ المشروع ورد من الحكومة بهذه الشروط، نتيجة الإتفاقية التي عقدها مجلس الإنماء والإعمار بالإنابة عن الحكومة مع الصندوق الكويتي”.

النائب بلال عبد الله من جهته وفي حديث لـ ” لبنان 24″ أجاب “مع الأسف الإتفاقية من الأساس موجّهة لمصرف الإسكان، وتحدّد سقف المستفيدين بمن يتقاضون عشرة أضعاف الحد الأدنى للأجور أي حوالي سبع ملايين ليرة، وبالتالي ليست موجهة لذوي الدخل المحدود، ونحن كلقاء ديمقراطي صوتّنا ضد المشروع اعتراضًا على استبعاد المؤسسة العامة للإسكان، وأكثر من ذلك نسأل لماذا يغطّي مصرف لبنان فروقات القرض لصالح مصرف خاص؟”.

 

إشكالية أخرى برزت في القانون وهي أيّ سعر سيُعتمد لصرف الدولار؟

أجاب عبد الله “كلّه مرتجل وغير واضح”، في حين لفت حسن خليل عبر ” لبنان 24″ إلى أنّ هذه النقطة بقيت عالقة، على اعتبار أنّ القرض يتضمّن خمس سنوات فترة سماح قبل البدء بتسديده، وبالتالي لا زال هناك متسع من الوقت لحسم هذه الإشكالية.
موسى: القرض يغطي 10% من الحاجة
“عودة القروض السكنية المدعومة خطوة ايجابية، ولكن هذا المبلغ لا يغطّي أكثر من 10% من حاجة السوق” وفق مقاربة نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين ورئيس الإتحاد العقاري الدولي وليد موسى، موضحًا في حديث لـ “لبنان 24” أنّ القرض لا يمكن أن يؤمّن أكثر من ألف طلب، لاسيّما وأنّ الأسعار تغيّرت، كاشفًا عن معلومات عن إمكان تخصيص مبلغ لمؤسسة الإسكان، قد يكون مماثلًا.

قد تذهب هذه القروض لصالح مستحقّيها من الفئة الأكثر حاجة للدعم، وقد لا تذهب إلى هذه الفئة، خصوصًا أنّ مصرف الإسكان غير ملزم بمنحها لذوي الدخل المحدود دون سواهم، وبالتالي قد تنطبق مقولة ” يلي سبق شم الحبق”، من هنا يرى موسى وجوب “أن يكون مصرف الإسكان دقيقًا في طريقة توزيع القروض لتصل إلى الأشخاص المناسبين في هذا الظرف الدقيق، خصوصًا أنّ المصرف مؤسسة مشهود لها، وفي الوقت نفسه يتوجب دعم المؤسستين بالتوازي”.

المعضلة الحقيقة في تحريك السوق العقاري، وفي تأمين حق السكن للشباب اللبناني تبدو أبعد من شروط هذا القرض، وفق موسى، “خصوصًا أنّ الحكومات المتعاقبة تتجاهل وجوب إقرار خطة إسكانية، وجلّ ما تفعله أنّها تنتظر قروض مدعومة سواء من مصرف لبنان أو من صناديق وجهات أخرى، وتربط واجب تأمين حق السكن بتلك القروض، فإن غابت لسبب ما بات الشباب اللبناني عاجزًا عن تملّك شقق، كما حصل في العامين الماضيين. علمًا أنّ هناك خطة إسكانية أنجزتها المؤسسة العامة للإسكان بمبادرة ممتازة من مدير عام المؤسسة، وهي بعهدة وزارة الشؤون الإجتماعية، لا نعرف لماذا لا تقرّ”. وفي هذا السياق دعا موسى الحكومة لإخراج الخطة من أدراج الإهمال وفتح حوار بين المعنيين والمختصّين في الشأن العقاري بغية تطويرها “لا سيّما وأنّكم تبحثون عن انجازات، فهذه الخطة موجودة لديكم إمّا تأخذون بها أو ترفضونها وتضعون خطًة بديلة، فلا يجوز الإستمرار بسياسة رهن القطاع بمسألة القروض، التي يجب أن يُستعاض عنها بقوانين تؤّمن المساكن للشباب كالإيجار التملّكي، واعتماد اعفاءات ضريبية معينة. خصوصًا أنّ هذا القطاع يمثّل ركيزة محورية في تحريك العجلة الإقتصادية، كونه يشكّل محرّكًا للعديد من القطاعات الأخرى، التي تراجعت وشهدت ركودًا بفعل جمود القطاع العقاري”.

ماذا عن واقع السوق العقاري والأسعار؟

لفت موسى إلى أنّ السوق العقاري تحرّك بعد 17 تشرين بفعل القيود المصرفية، التي جعلت المودع يهرّب أمواله باتجاه قطاعات أخرى، ومنها شراء شقق لقاء شك مصرفي، “ولكن المطوّر الذي قبل بالبيع وفق هذه الصيغة هو ذاك المرتبط بديون لدى المصارف، وبالتالي كمية الشقق المعروضة من قبل هؤلاء المطوّرين قاربت على النفاذ، ويتوقع بعض خبراء الإقتصاد أن تستمر عمليات البيع بهذه الطريقة طالما هناك ديون تربط القطاع العقاري بالمصارف.

بالمقابل المطوّرون الآخرون لن يبعوا إلّا نقدًا وبأسعار مضاعفة، طالما أنّ لا استحقاقات أو ديون تقع على كاهلهم، بمعنى أن المتر الذي يباع بـ 1500 سيرفعون سعره إلى 3000، لأنّهم يعتبرون أنّه سيخسرون نصف القيمة لدى تصريف أموالهم بالسعر الأسود. من هنا يتوقع موسى أنّ تشهد الأسعار ارتفاعًا في ظل فترة المراوحة لتعود وتنخفض بعد انقضاء هذه المرحلة”.

بالمحصّلة تتواصل سياسات الترقيع في هذا القطاع أسوة بغيره، وتغيب المعالجات والرؤى والإنجازات عن أرض الواقع، ولو أنّها تحضر في الخطابات المنبرية بنسبة تتجاوز الـ 97%.

 

المصدر:لبنان 24.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *